إن الذي حدث ويحدث بين مصر والجزائر حكومة بمواجهة حكومة، جمهور ضد جمهور وإعلام ضد إعلام يدعونا للغضب والاشتعال وللوقوف ضد المتآمرين من داخل الداخل العربي على العروبة ووحدة العرب ومصير أمة العرب. فالمدى الذي وصلت إليه الخلافات بين مصر والجزائر بعد الموقعة الكروية في أم درمان السودانية، أساء للعرب وللأمة العربية. واظهر بوضوح أننا أمة يجب أن تفكر بمستقبلها وحاضرها وأن لا تبقى عاجزة ومرتهنة لأعدائها الداخليين والخارجيين.
في هذا الوقت بالذات حيث المجرمة "تسيفي ليفني" وزيرة الخاريجة الصهيونية السابقة تتجول في شوارع ومدن المغرب ، وبيريس يلقي المواعظ في قطر ومصر ، وصهاينة آخرون يجولون في بلدان عربية عديدة .. في هذا الوقت أمة العرب بحاجة لاعادة احياء لغة العقل والثورة في شباب هذه الأمة. إذ لا يجوز أن يبقى شباب العرب رهائن لانظمة مهترئة ، مرتهنة وفاسدة ومتسلطة وظالمة ومستسلمة ، وكذلك لاعلاميين متصهينين ، متفرعنين وفرانكفونيين ، معادون للعروبة والعرب.
إن مستوى الوعي والانتماء القومي لدى جمهور كرة القدم في كل من مصر والجزائر يدعونا الى البكاء والنحيب واللطم على حال هذه الأمة المقسمة ، المفتتة ، المنهارة ، المهزومة والمكلومة. أمة تتحكم بمصيرها وبتحريك مشاعر جمهورها مجموعة من أعداء العروبة والوحدة ، من الذين ينسبون أنفسهم للفرانكفونية في الجزائر وللفرعونية في مصر.. هؤلاء هم أعداء البلدين بعد الكيان الصهيوني والتخلف والفرقة والإنقسام. فهل يستطيع أي كان أن ينفي دور الشعب المصري العظيم في دعم واسناد ثورة المليون ونصف المليون شهيد؟ وهل يستطيع أي كان ان يلغي دور الجزائر الرئيسي والأساسي في دعم مصر عبر وضعها لدى السوفيت شيك مفتوح مقابل ارسال الدبابات والعتاد الحربي للجيش المصري اثناء حرب اكتوبر 1973 . التي ارادها الشعب حرب تحرير لكن النظام ارادها حرب تحريك فتسوية فانهزام واستسلام فيما بعد.
تنشط منذ مدة في مصر منذ توقيع معاهدة كمب ديفيد مجموعات معادية للعروبة، تريد سلخ مصر عن واقعها العربي وربطها بالغرب. خاصة أن النظام الحالي الذي ورث عن السادات معاهدة كمب ديفيد وحافظ عليها وحماها وصانها من غضب الشعب والأمة. فكمب ديفيد كبلت مصر وجعلتها رهينة لأموال الولايات المتحدة الأمريكية والعلاقات مع الصهاينة.وقد برهن النظام الحاكم في مصر الذي لا يخفي تنسيقه الأمني مع الصهاينة على حدود مصر مع فلسطين المحتلة وفي معبر رفح على أنه شرطي مطيع للولايات المتحدة الأمريكية واوروبا الغربية والصهاينة. فهو النظام الذي يحاصر غزة ويمنع دخول المساعدات الى القطاع وهو الذي يبتزأهل غزة بالدواء والماء والغذاء واللباس والكهرباء والطاقة وكل مقومات الحياة. كأنه احتلال آخر أسوأ من الأحتلال الصهيوني الذي يمارس نفس البشاعة على الجهة الأخرى من حدود غزة مع فلسطين المحتلة سنة 1948 . فليتذكر القارئ الكريم أعداد الفلسطينيين الذين يموتون على معبر رفح ، حيث لا توجد سيادة حقيقية ولا كرامة مصرية، فكل هذه الأشياء مداسة ببساطير جنود الاحتلال الصهيوني.
بينما يقف النظام موقف بطل مسرحية عادل امام "شاهد ماشافش حاجه" من خروقات الصهاينة واعتداءاتهم على سيادة وكرامة مصر ، نجده يتفرعن على معبر رفح في معاملته مع الفلسطيني . حيث تبدأ رحلة الاذلال والاهانات والشتائم بحذف بطاقات الهويات وجوازات السفر و الأرواق الثبوتية ، وكلمة " ما ينفعش ".. ، ثم ترك الناس تحت أشعة الشمس الحارقة أو في البرد الشديد ، في العراء دون غطاء ودون ما يرد عنهم المطر والشتاء. وتشليح المسافرين من غزة الى مصر اموالهم ، والبلطجة وطلب الرشوى علناً ، سواء من قبل الجنود والحراس وافراد الشرطة أم من الضباط المناط بهم الحفاظ على أمن مصر وصيانة وحماية كرامة المواطن المصري والعربي... كيف سيحمي لص أو جائع او فاسد كرامة أكبر بلد عربي ؟
المرضى يا ست هيفاء وهبي يموتون على معبر جمهورك في رفح ، ويدفنون بسرعة عملاً باكرام الميت دفنه، ولو استطاع لصوص معبر رفح من الجانب المصري لدفنوا كل فلسطيني يأتي اليهم من غزة. إن القصص والحكايات التي يرويها أهل غزة عن المعاملة المصرية على المعابر وفي المطارات شيء فظيع. مثل تصريحاتك التي هاجمتِ فيها الجمهور الجزائري وانحزت للجمهور المصري ، بدلاً من أن تعلني بصوتك المسموع عند قطعان كثيرة من شباب الجمهورين، أنهم عربا و عليهم أن يخجلوا مما يفعلون ، بدلاً من ذلك صببت يا هيفاء زيتك على النار المشتعلة، حين انحزت لمصر ضد الجزائر، وتفوهت بكلمات معيبة بحق الشعب الجزائري ، مثل : "لن أهتم بالغناء في الجزائر بعد تلك الأحداث .. فالفن يحتاج للحب الذي لم أجده في هذه المباراة" .. و كذلك : "ماذا سأفقد من عدم الغناء في الجزائر، سأفقد ساقي أو يدي؟! .. لا أهتم بالذهاب لجمهور لن يتقبل الفن". وأوضحت هيفاء التي كانت تدلي بدلوها لقناة النيل الرياضية أن "ما حدث في المباراة يسيئ للجميع وأرفضه كفنانة ولبنانية تعشق مصر وتقدرها".وأكدت أنها "مستاءه للغاية بسبب وجود هذا الحقد من بعض ممن يوضع اسمهم ضمن شعوب العرب".واستدركت هيفاء "وبالرغم من استيائي مما حدث إلا أني سعيدة لكشف حقيقتهم السيئة أمام الجميع".
هل تعلم عزيزي القارئ لماذا يعيش العربي اليوم في زمن أنظمة الردة ؟
لأنه يوجد بين أمة الضاد من يسيل لعابه لمجرد رؤية فنانات آخر زمن وهن يهزن الخصر و يبرزن الصدور و يستبلدن المقدمات بالمؤخرات ، ويخففن من الثياب مما يجعل اجسادهن شغل المستمع وليس اصواتهن. كما أنهن يقدمن غناءا مبتذلاً لا يمت للشرق العربي بصلة. غناء دمر الأذواق العربية ، تماما كما الاداء السياسي للحكام العرب الذين دمروا القضية العربية ومزقوا وحدة هذه الأمة وجعلوها من أكثر شعوب العالم تخلفاً وفرقة. إن الوحدة العربية الحقيقية هذه الأيام موجودة فقط في وحدة الغناء العربي الفاسد مع الأنظمة العربية الفاسدة.
كل من يتهم الشعب الجزائري بعروبته ( مثل هيفا) يفعل تماماً كما تفعل الجماعات التي تدير الاعلام في مصر والأخرى التي تسرق مقومات شعب مصر وتمثيله القومي والوطني. جماعات الكمبديفيدية والفرعونية ، تلك التي لا تخفي تنكرها لعروبة مصر. مصر العظيمة التي قادت معارك العرب والأمة والوحدة بقيادة زعيمها الخالد جمال عبد الناصر. الجماعة المصرية التي تهاجم الجزائر والجزائريين هي نفسها التي هاجمت وتهاجم جمال عبد الناصر وحسن نصرالله والمقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق.
أخيراً لا يسع المرء إلا التأكيد على أن الانسان العربي المنتمي لعروبته ووحدة هذه الأمة يتمزق حزناً وأسى وأسف عندما يرى أن هناك اصطفاف من قبل بعض الفنانين والمثقفين الى جانب الجماعات التي تصب الزيت على نار الخلافات بين مصر والجزائر. فدور الفنان توجيهي ،بالمعنى الايجابي لا السلبي. وهكذا ايضا يفترض ان يكون دور المثقف والاعلامي والسياسي. وقبل هؤلاء جميعاً دور الرئيس وأركان حكمه في اي بلد كان.